يُعرف معقب المعاملات بموجب أحكام قانون تنظيم مهنة معقبي المُعاملات وكتّاب العرائض رقم 12 لعام 2014 بأنه شخص أُجيز له احتراف مهنة تعقيب وإنجاز المُعاملات لدة الجهات العامّة والجهات غير العامّة نيابةً عن أصحابها مُقابل أجر مُعين، ويشمل ذلك جميع المُعاملات العقارية ودفع أتعابها في الدوائر المالية في المُحافظات وتوثيقها لدى مديريات المصالح العقارية ومُتابعتها في المحاكم.
بات مُعقب المُعاملات بفعل الخبرة والعلاقات مع الموظفين في الدوائر الحكومية أحد مفاتيح تسريع إنجاز المُعاملات وتذليل العقبات بشكل قانوني أو عبر دفع الرشاوي للموظفين، نظرًا للتشابكات القانونية في الهيئات والمؤسسات الحكوميّة التي جعلت من إنجاز معاملة رسمية بسيطة لدى جهة عامّة أمرًا في غاية التعقيد.
ومنذ عام 2011، ومع تزايد عدد المُلاحقين أمنيًا والمطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية ممن يخشون مُراجعة الهيئات الحكوميّة، زاد الإعتماد بشكل كبير على وواضح على معقبي المُعاملات وأضيف إلى تلك الشريحة مع الوقت النازحون والمُهاجرون السوريون الذين فقدوا قدرة مُتابعة مُعاملاتهم الرسمية لدى الهيئات الحكوميّة.
كما نظّم قانون 2014/12 أحكام معقبي المُعاملات وقام بتحديد الشروط الواجب توافرها في صاحب المهنة ( المعقب العقاري) لترخيص عمله، وفرض القانون عقوبات مسلكية ومالية على المُخالفين، ومن تلك الشروط المؤهلة للعمل:
- أن يكون معقب المُعاملات عربيًا سوريًا أتم الثامنة عشرة.
- أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة.
- ألا يكون محكومًا بجناية شائنة، وغير موظف لدى القطاع العام، وأن يكون متفرغًا للمهنة وأن يكون له مقر ثابت.
كما أن تلك القانون اعتبر أن مهن تعقيب المعاملات حرفة، يتم الإشراف عليها من قِبل وزارة الصناعة والإتحاد العام للحرفيين، إذ أنه من شروط ممارسة مهنة تعقيب المُعاملات أن ينجح المُعقب في فحص مسلكي تحدده وزارة الصناعة، وأن يكون مُنتسبًا للجمعية الحرفية في مُحافظته، وحاصلاً على رخصة من الجمعية الحرفية المُختصة مصدّقة من رئيس اتحاد الجمعيات الحرفية في المُحافظة ومن الإتحاد العام للحرفيين، ومن وزارة الصناعة أيضًا.
كما أن القانون الإتحاد العام للحرفيين قد منح الحرفيين صلاحية تحديد أجور مُعقبي المُعاملات، لكن الجدير بالذكر أن الإتحاد لا يقوم بتحديد تلك الأجور فعليًا وإنما يتولى المعقبون أنفسهم تحديد أتعابهم بشكل ذاتي، وغالبًا ما تتضمن تلك الأتعاب مبالغ وهدايا يتم إعطائها للموظفين على شكل رشاوي، بغرض تسريع إنجاز تلك المُعاملات، أو إيجاد حلول ومخارج للإلتفاف على القانون.
ويؤدي معقب القانون قسمًا أمام محكمة الصلح بممارسة مهنته بشرفٍ وإخلاص، ويُعفى من هذا القسم حملة الشهادات الجامعية، كما أجاز القانون لأعضاء الهيئات العامًة ل الجمعيات الحرفية للمجازين بالأعمال العقارية والإدارية والمساحة بالمحافظات ممارسة العمل في تعقيب المُعاملات وكتابة العرائض.
والجدير بالذكر أن القانون 12/14 يُعاقب من يعمل معقبًا للمعاملات دون ترخيص بالحبس من شهر إلى ثلاثة شهور وبغرامة مالية مقدارها 25 الف ليرة، ويتم تسيير دوريات مع ضابطة عدلية على دوائر المصالح العقارية والدوائر الحكوميّة للتأكد من شروط ممارسة المهنة، ومن ثم توجيه إنذارات أو ضوابط لمن يعمل دون وجود تراخيص.
كما أنه قبل قانون 12/2014 كان القانون 119 لعام 1951 قد نظّم عمل مهنة تعقيب المُعاملات، وأجاز للعاملين فيها تشكيل نقابة خاصّة بهم ظلت تعمل حتى عام 1969 حيث تم حلها، وتأسيس جمعية حرفية في عام 1974 لمعقبي المعاملات بإشراف من وزارة الصناعة وبقيت تلك الأحكام سارية حتى صدور قانون 12/2014 .
والجدير بالذكر أنه غالبًا ما تُشير وسائل الإعلام الرسمية إلى وجود شكاوى معقبي المُعاملات المُرخصين من تزايد أعداد العاملين في المهنة بلا ترخيص، بسبب المردود المالي الكبير للمهنة، حيث يخلق ذلك تنافسًا يزيد من الإعتماد على شبكات الفساد والمحسوبية في الهيئات الحكوميّة، كما يرى بعض المعقبين أن ضعف شبكة الإنترنت وانقطاع الكهرباء من أكبر العقبات المُعيقة لعملهم، كما أن بعض وسائل الإعلام المحلية تُشير إلى وجود شبكات من الموظفين تعمل حصريًا مع معقبين محددين، وتعمل لتأخير المُعاملات لبقية المعقبين خلال السنوات القليلة الماضية، ونتيجةً لتدهور الدخل وصعوبة الأوضاع المعيشية، بات بعض المحامين يعملون كمعقبي معاملات من دون ترخيص.
وعلاوةً على الأجور المُرتفعة التي يتلقاها معقبو المعاملات، فإن عملهم يتسم غالبًا بالبطء والتسويف، وغالبًا ما لا ينجزون مًعاملاتهم وفقًا للزمن المُتفق عليه مع زبائنهم، في كثير من المعاملات التي تتضمن مشاكل قانونيّة يطلب معقب المعاملات مبلغًا كبيرًا كشرط استلام للمعاملة ويبرر ذلك بالحاجة لرشوة الموظفين أو تسخيل الحصول على الموافقة الأمنية في قضايا البيوع العقارية، ويضع هذا الأمر أصحاب المُعاملات العقارية تحت سلطة المُعقب العقاري، وسط عدم القدرة على استرداد المبلغ في حال وقوع خلاف معه أو عدم قدرة المعقب على انجاز المُعاملة، فبعض المعقبين يلجؤون إلى تأخير إنجاز المعاملات للضغط على أصحابها وابتزازهم ماليًا عبر الإدعاء بالحاجة للمزيد من المال لرشوة الموظفين.
والجدير بالذكر أنه يعمل الآلاف في مهنة تعقيب المُعاملات على امتداد مناطق سيطرة حكومة دمشق على سبيل المثال يبلغ عدد مُعقبي المعاملات المُرخصين في اللاذقية والمُنتسبين إلى الجمعية الحرفية حوالي 1200 معقب مرخص، عدا عن المعقبين غير المُرخصين.