2023-10-01

عاصمة السياحة العربية لعام 2022… مادبا

هل فكرتَّ يومًا كيف يكون شكل الحياة عندما تجتمع ملامح الحياة الريفية مع مكوّنات السياحة الدينية؟ هذا ما ستقدمه لك مادبا فهي تُشكّل مزيجًا حتمًا من شأنّه أن يُثير اهتمام الزائر.

مادبا وهي محافظة في شمال غرب الأردن، تبلغ مساحتها حوالي 940 كيلومتر، ويبلغ عدد سكانها حوالي 170,000 نسمة، ويعود أصل تسميتها إلى لفظة آرامية وسريانية مركبة من كلمتين: (ميا) و (دأبيا)، الكلمة الأولى (ميا) تعني المياه والثانية (دأيبا) تعني الفاكهة فيكون معناهما: مياه الفاكهة. وقد بقي اسم مادبا كما هو في المصادر القديمة حتى التاريخ الإسلامي.

كما تُعرف مادبا باسم "مدينة الفسيفساء"، لكونها ثريّة باللوحات الفسيفسائية البيزنطية والأموية، و تلك التي لا تزال تُنتج محليًا إلى اليوم.

ومن الجدير بالذكر أنّها فازت بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2022, بعد تحقيقها للمعايير و الشروط المرجعية كافة التي أعدتها المنظمة العربية للسياحة.

العمارة

يعكس تطور مادبا المعماري والمدني، الظروف التاريخيّة والدينيّة والاجتماعيّة الخاصة بإعادة استيطان المدينة في أواخر القرن التاسع عشر، فكانت عمارة المدينة أساسًا من المحتوى الاجتماعي لمكونيها من العائلات المسيحية، والتي قامت ببناء المباني سواء المدنيّة منها أو التجاريّة والحكوميّة، والتي لا تزال موجودة للآن في منطقة وسط المدينة والتي تشبه لحد كبير تصاميم المباني الموجودة في باقي منطقة بلاد الشام.

حيث تضم مدينة مادبا مجموعة كبيرة من البيوت التراثيّة التي تجسد العمارة التقليديّة للمجتمع الأردني،ومن الجدير بالذكر أنّ بعضها تحوّل إلى متاحف ومطاعم، وتمتاز تلك البيوت ذات أنماط العمارة التقليدية ببساطة البناء المتكيّف مع البيئة والمناخ، حيث شُيدت بمواد بناء متوافرة محليًا، مثل الطين والقش والقصب، وذلك لحماية السكان من برد الشتاء والحيوانات المفترسة.

وكانت بيوت مادبا القديمة المبنية على طراز القناطر، تضم جزء أساسي في تكوينها، وهو الحوش. وكان من مكونات بعض تلك البيوت الخارجيّة ما يشبه مصطبة مرتفعة كانت بمثابة مكان للسهر صيفًا. كما يوجد في أعلى البوابات فتحات للتهوية وللسماح بدخول أشعة الشمس وتمرير الهواء إلى داخل الدار. كما يتميز البيت المادبي القديم، بتنوع الزخرفة وتصوير المواضيع الزخرفية النباتية والهندسية، وبارتفاع الأسقف الحجريّة.

المناخ

يتمتازُ مناخ مادبا بأنّه شبه رطب يميلُ للجفاف، وتسودُ فيها الرِّياح الشمالية الغربية خصوصاً، وتمتازُ، مثل باقي الأردن، برياحٍ باردة وجافَّة شتاءً، ومعتدلة ورطبة صيفاً. وتتأثر كثيرًا بالمنخفضات الجوية في فصل الشتاء، وتكون نسبة الهطولات المطرية فيها مرتفعة.

التضاريس

تُعدّ مادبا منطقةً زراعيّة؛ حيث تتميّز بخصوبة أراضيها، كما تقع على سهلٍ زراعي خصب في ربوة طبيعية، وتمتاز المنطقة بشكل عام بتنوع تضاريسها، حيث تشتهر بسهولها الواسعة المنبسطة، والتي تعمل على رفد المملكة بكميات وافرة من الحبوب، إضافة إلى مناطقها الغورية والشفا غورية، والتي تُعتبّر من أهم مصادر إنتاج الخضراوات والفواكه والزيتون.

والأن سنأخذكم في جولة إلى أبرز معالم وآثار مادبا:

• الشارع السياحي

أثناء وجودك في مادبا، احرص على المرور بشارع الحسين بن علي المعروف باسم "الشارع السياحي" لشراء الحرف اليدوية والمنتجات الفسيفسائية والأيقونات الدينية الموجودة في مادبا.

• جبل نيبو

جبل نيبو مذكور في نصوص الديانات الإبراهيمية. كان أول سكان هذه المنطقة قبيلة مسيحية بدوية في القرن الرابع الميلادي. استكشف الجذور الدينية في هذه البلدة أو زر جبل نيبو حيث يقال أنّ النبي موسى قد مات بينما كان ينظر إلى الأراضي المقدسة.

"وَصَعِدَ مُوسَى مِنْ عَرَبَاتِ مُوآبَ إِلَى جَبَلِ نَبُو، إِلَى رَأْسِ الْفِسْجَةِ الَّذِي قُبَالَةَ أَرِيحَا.

• بيت البيروتي

يتميز بيت البيروتي باالطراز المعماري القديم، فهو بيت تراثي يعود بناء إلى مئة سنة ، ومن خلال تجربتك في بيت البيروتي، ستعود في آلة الزمن حيث الماضي العريق، وفي نفس الوقت سوف تستمتع بتجارب سياحية لا مثيل لها، فهو متجر فنون وحرف يدوية بالإضافة إلى أنه يزخر بالأنشطة التفاعلية، منها التعليمية وأخرى ترفيهية.

تقام العديد من الأنشطة التفاعلية التعليمية والترفيهية أيضاً في بيت البيروتي، حيث يستطيع الزائر تعلم غزل النسيج، والتعرف على ثوب سيدات مادبا وهو ثوب تقليدي كان يتم ارتداءه قديماً وتحرص النساء في مادبا في المحافظة عليه حتى وقتنا الحضار، بالإضافة إلى انشطة الرسم و رسم الحنه، وتعلم فن الفسيفساء.

• أم الرصاص

رغم أنه لم يبقَ منها سوى الآثار، إلاّ أن مدينة أم الرصاص كانت فيما مضى مأهولة بالرومان لحماية الطريق التجاري بين المشرق العربي وشبه الجزيرة العربية، وهي الآن موقع أثري مثالي لعشّاق التاريخ. الموقع مدرج في قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، وقد انضم للقائمة عام 2004 بفضل ثرائه بالدلالات الرومانية والإسلامية التاريخية.

• قلعة مكاور "مكايروس"

وتقع في الجنوب الغربي لمدينة مادبا، وتطل القلعة على البحر الميت، وقد سُجن في هذه القلعة يوحنا المعمدان الذي قُطع رأسه وأُعدم في ذكرى مولد الملك هيرودس.

وأخيرًا فإنّ موقع مادبا الملائم يُتيح لك المجال لإدراجها ضمن برنامج زيارتك للأردن، فهي ليست ببعيدة عن العاصمة عمّان، كما أنها قريبة على أهم المواقع الجغرافية الدينية البارزة، وبالتأكيد ستحظى حينها على تجربة رائعة مليئة بالاكتشافات التي لا تُنسى.