مدينة ماردين.. عربية الهوية وتركيّة الموقع

قد تظن للوهلة الأولى وأثناء زيارتك لها أنّك في مدينة عربية تضرب في جذورها عمق التاريخ، وما أن تتجول وسط أزقتها حتى تشعر وكأنك في الموصل أو حلب أو القدس، فسكانها يتحدثون العربية بطلاقة ومعالمها وآثارها التاريخية جميعها تدّل على الحضارة العربية، لاسيما النقوش العربية القديمة التي تزين مبانيها، لكن ستتفاجىء أنّك في مدينة تركيا لها جذورٍ عربية عصية على المحو والتغيير.

مدينة ماردين تقع جنوب شرق تركيا، تبلغ مساحتها حوالي 783,562 كيلومتر مربع، أما عدد سكانها فيفوق الـ 76،667،864 نسمة ويختلف سكانها عرقيًا وثقافيًا إذ أنّ ماردين كانت تتبع لبلاد الشام تاريخيًا عام 1923 على إثر معاهدو لوزين وحينها أصبحت تتبع تركيا، وذلك فمعظم سكانها من أصول سورية وعربية، كما يكثر فيها الأكراد.

أما اسمها فيعود إلى اللفظة الآرامية التي تعني "القلعة"، وكانت ماردين تُعدّ مركزًا للحكم العثماني حتى عام 1922م، وبعدها بعام تم إنشاء الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك.

الاقتصاد في ماردين

لطالما كانت ماردين قديمًا مركز تجاري إقليمي مهم على طرق التجارة بين الشرق والغرب في جنوب الأناضول، بالإضافة إلى احتواءها على أهم نهري في المنطقة وهم نهر دجلة والفرات، الأمر الذي جعلها منطقة زراعية بالدرجة الأولى وذلك لتوفر الأراضي الخضراء والمثمرة فيها، فأصبحت تشتهر بمحاصيل القمح والشعير والسمسم بشكل رئيسي، كما اممتهن أهلها تربية الحيوانات وخصوصًا الماعز، بالإضافة إلى امتهانهم نسج القطن والصوف.

المناخ في ماردين

مناخها بشكلٍ عام دافئ ومعتدل؛ وهي واحدة من أكثر المناطق دفئًا في تركيا صيفًا وشتاءًا على حد سواء.

السياحة في ماردين

باختصار ماردين هي مدينة فاتنة وأسرة في معالمها وشوارعها وحتى أزقتها الضيقة التي تفوح منها رائحة عبق التاريخ ذو الجذوور العربية، وهي مدينة تتمتع بطبيعة خلابة لا يُمكن أن تجد لها مثيل في أي مكانٍ
أخر، لذا ليس من العجب أن تصبح ماردين وجهة سياحية يقصدها الآلاف سنويُا للتمتع بهذذا الجممال الباهر الذي تقدمه لكل زوارها، ومن أهم الأماكن السياحية في ماردين:

كنيسة الأربعين شهيداً

تتوسط الكنيسة قلب ماردين، وتعود في تاريخها إلى مطلع القرن الثالث، ويوجد بها لوحة كبيرة تضم 39 شخصآ بدا منهم رأسهم وهم يعومون في بحيرة، وأهم ما تتميز به الكنيسة هو زخارفها الفريدة من نوعها والمنحوتات المعقدة التي مازالت محط للأنظار حتى يومنا هذا.

متحف صاقب صابونجي

أصبحت ثكنات الجيش السابقة معروضاتٍ في هذا المتحف، الذي يُعدّ أفضل مكان في ماردين للحصول على فهم أعمق لدور هذه المدينة عبر القرون، فهو عبارة عن مزيج ثقافي وديني للمسلمين والمسيحين والأكراد والآشوريين على حد سواء.

جامع أولو

وهو أكبر مساجد ماردين، وعلامة فارقة فيها تدل على جمال فن العمارة العثمانية منذ قديم الزمان، وهو عبارة عن مبنى كبير مستطيل الشكل، له 20 قبة مرتبة فى أربعة صفوف، كما تُزينه مآذنتين من الطراز الرفيع والفاخر.

مسجد عبد اللطيف

يعود في تاريخه إلى عام 1371، ويجسدد هذا المسجد في بناءه الاستثنائي العمارة الضخمة والدقيقة التي ميّزت العصر الأرتقي، إذ تم نحت بوابتيه الكبيرتين بدقة بالغة يصعب التصديق أنهما صُنعتا من الحجر الصلب، كما تتزين أحجاره الكبيرة العمودية بالنقوش والزخارف الرائعة.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي تحدثنا به عن مدينة ماردين الساخرة واتلي تمزج بين آصالة العرب ورُقيّهم، وحضارة تركيا وتطورها العصري.